أزمة الكويت- محفز للتلاحم الخليجي ومواجهة التحديات المستقبلية

المؤلف: خالد السليمان08.06.2025
أزمة الكويت- محفز للتلاحم الخليجي ومواجهة التحديات المستقبلية

مثلت أزمة غزو الكويت امتحاناً بالغ الأهمية لمدى كفاءة مجلس التعاون الخليجي، وقد اجتازه المجلس بنجاح باهر، إذ تجسد الموقف الخليجي المتماسك سياسياً وعسكرياً واجتماعياً واقتصادياً في صورة الدعامة المحورية للتصدي للغطرسة العراقية وتكوين التحالف الدولي لإخراجه من الكويت قسراً!

وكان من المتوقع أن تكون هذه التجربة المريرة منطلقاً نحو علاقات أكثر وثوقاً وتبصراً ورؤية أعمق للمستقبل وما يحمله من تحديات، فضلاً عن حاجة دول المنطقة الماسة لتوحيد الصفوف لمواجهة الأخطار المحدقة بها، لا سيما مع العداء الإيراني السافر والنزعة العدوانية العراقية التي لم تتلاشَ تماماً على الرغم من سقوط النظام البعثي البائد!

بيد أن هذا لم يتحقق، وأضاع المجلس ما يزيد على عقدين من الزمن في علاقات متقلبة ساهمت فيها مواقف سياسية لبعض دول المجلس كانت بمثابة النشاز الذي أخل بتناغم الأوركسترا الخليجية، واليوم، وبعد أعوام طوال، أدركت الدول الخليجية أن توحيد الرؤى وتنسيق المواقف لم يعد ترفاً أو خياراً، بل ضرورة حتمية تمليها الظروف والأحداث المتسارعة في المنطقة التي تشهد عاصفة هوجاء قد تعصف بخريطتها السياسية وتغير ملامحها الاجتماعية وتراثها العريق!

وعندما هبت دول المجلس لنجدة اليمن الشقيق في محنته، أظهرت قدراتها الفذة كقوة إقليمية وازنة لا يمكن تجاهلها بحال في صياغة هوية المنطقة وتحديد مناطق نفوذها، كما ترسخت قناعة راسخة لدى قادة دول المجلس بأن الاتحاد هو السبيل الأمثل والأوحد لمواجهة واقع شرق أوسطي جديد تجرأت فيه إيران وتجاوزت كل الحدود، ورسخت فيه روسيا موطئ قدم لها، وفقدت فيه أمريكا جانباً كبيراً من هيبتها المعهودة!

وحينما نتطرق إلى الحديث عن الاتحاد، فإننا لا نهدف إطلاقاً إلى توحيد السلطة السياسية وإذابة الكيانات القائمة، وإنما نصبو إلى اتحاد في المواقف وتوحيد في الرؤى، فالقضية لم تعد مجرد رفاهية شعارات براقة وأناشيد عاطفية تلامس المشاعر، بل هي مسألة حياة أو موت، ومستقبل هوية أمة بأكملها!

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة